اكتوبر
2024
مصطفى حسني السباعي وأبوه الشيخ حسني في طليعة العاملين والمؤيدين للحركات الوطنية ومن محبي الخير مساهماً في تأسيس الجمعيات الخيرية والمشاريع الاجتماعية ويحرص على عقد مجالس العلم مع لفيف من فقهاء حمص وعلمائها الأخيار حيث كانوا يتدارسون الفقه ويتناقشون في أدلة مسائله. بدأ مصطفى السباعي بحفظ القرآن الكريم وتلقى مبادئ العلوم الشرعية على أبيه حتى بلغ السن التي تخوله دخول المدرسة الابتدائية حيث التحق بالمدرسة المسعودية وبعد أن أتم فيها دراسته بتفوق التحق بالثانوية الشرعية وأتم دراسته فيها عام 1930 بنجاح باهر لفت أنظار كبار أساتذته الذين كانوا يتوقعون له مستقبلاً علمياً باهراً.ولم يقتصر في دراسته الشرعية على المناهج المدرسية وإنما كان يحضر مجالس العلم التي كان يعقدها والده مع كبار الفقهاء والعلماء وكان يتردد على غيرهم من علماء حمص يتلقى عنهم العلوم الإسلامية المختلفة. كما كان السباعي مولعاً بالمطالعة والبحث في كتب الأدب والثقافة المختلفة وفي ذلك قام بتأليف جمعية سرية لمقاومة مدارس التبشير الأجنبية التي أنشئت بمساعدة السلطات الاستعمارية الفرنسية وكانت هذه المدارس تحبب إلى طلابها الثقافة الغربية وتعمل على إبعادهم عن عقيدتهم فعمل السباعي على محاربتها كما ساهم في تأسيس وقيادة عدد من الجمعيات الإسلامية في حمص وفي غيرها ومنها (الرابطة الدينية بحمص) و(شباب محمد صلى الله عليه وسلم) و(الشبان المسلمين في دمشق).
كما عمل السباعي بالتعاون مع إخوانه الذين شاركوه في تأسيس كلية الشريعة على إنشاء موسوعة الفقه الإسلامي تهدف إلى إحيائه وصياغته صياغة جديدة وتبويبه وتصنيفه على أحدث الأساليب المتبعة في أرقى الموسوعات العلمية والقانونية في العالم لتكون مرجعاً لكل فقيه وعالم ولتلبي حاجة التشريع وقد تحدى السباعي كل صعب حتى أخرج المشروع إلى حيز الوجود وكان أول رئيس لهذه الموسوعة التي جمعت خيرة العناصر العلمية والفقهية والقانونية في الجامعة.
كان السباعي أيضاً رئيساً لقسم الفقه الإسلامي ومذاهبه في جامعة دمشق. وكان يرى أن مناهج كلية الشريعة لا يجوز أن تقتصر على تلقين العلوم الجافة وأن غاية الكلية ليست تخريج العلماء والفقهاء فحسب وإنما كان يريد أن يكون خريجو الشريعة علماء ودعاة لذلك عني بمناهج التربية والتعليم والتوجيه في الكلية فأحدث درساً أسبوعياً سماه (قاعة البحث) وقد تولى بنفسه إدارة هذه القاعة وإلقاء محاضراته التوجيهية.
لم ينس السباعي القضية الفلسطينية فدعا إلى تخصيص أسبوع من كل عام باسم "أسبوع الخطر الصهيوني" تقام فيه المهرجانات الشعبية في سائر أنحاء البلاد وبدأ هذا المشروع عام 1955 ودعا فيه قادة الحركة الإسلامية في الوطن العربي للاشتراك في هذا الأسبوع وطاف معهم في شتى أنحاء البلاد يتحدثون عن الخطر الصهيوني ويقودون المظاهرات الشعبية لمطالبة الحكومات والمسؤولين بإعداد الشعب للمعركة واتخاذ كافة الاستعدادات لمعركة التحرير.
في عام 1955 أسس مصطفى السباعي مع إخوانه جريدة الشهاب التي استمرت حتى عام 1958 كما أصدر أيضاً عام 1955 مجلة المسلمون بعد احتجابها في مصر وفي عام 1958 رأى تغيير اسم المجلة فسماها حضارة الإسلام وأفرد فيها باباً للقضية الفلسطينية باسم الدرة المغتصبة.
في أواخر عام 1952 تعرض الدكتور السباعي لمضايقة السلطة الحاكمة التي فرضت عليه رقابة مزعجة تحصي عليه حركاته وسكناته. ولم يكتف بهذه المضايقة بل طلب من أساتذة الجامعة ومن كبار الموظفين أداء قسم الولاء لعهده والدخول في الحركة التي أسسها باسم حركة التحرير ولكن السباعي رفض الانصياع للأوامر فغضب الشيشكلي وأصدر مرسوماً بتسريحه من الجامعة وأبعده عن البلاد فاختار لبنان وبقي فيه حتى أواخر عهد الشيشكلي وهناك في لبنان التف حوله مئات الشباب الجامعي المثقف وأظهروا له استعدادهم لإنشاء حركة إسلامية في لبنان بقيادته وفعلاً أسس معهم الحركة التي استمرت تسير على النهج الذي رسمه لها.
كان السباعي رحمه الله عالماً وداعية وسياسياً استطاع أن يقود حركة الإخوان المسلمين في سورية في ظروف كثيرة التقلب بالغة التعقيد ولكنه كان دائماً يبرز هذه الحركة متشابكة في نسيج المجتمع السوري بأبعاده كافة الإسلامية والاجتماعية والسياسة. كما أنه قاد على الصعيد الإسلامي حركة إصلاح ديني فقاوم البدع والتقاليد البالية وارتقى بالخطاب الإسلامي إلى مستوى العصر الذي يعيشه المسلمون وأعطى الدعوة من روحه وعقله وعصبه مما أهلها أن تكون من الحركات الإسلامية المؤثرة في العالم العربي والإسلامي.
توفي السباعي إثر مرض ألم به يوم السبت الثالث من أكتوبر عام 1964.
وترك عدة مؤلفات هي:
أخلاقنا الاجتماعية.
اشتراكية الإسلام.
السنة ومكانتها في التشريع الإسلامي.
أحكام الصيام وفلسفته.
نظام السلم والحرب في الإسلام.
الدين والدولة في الإسلام.
مشروعية الإرث وأحكامه في الإسلام.
المرونة والتطور في التشريع الإسلامي.
السيرة النبوية.
أضف تعليق