اكتوبر
2024
حدث فى مثل هذا اليوم من عام 1935 استشهاد المجاهد الفلسطيني الشيخ عز الدين القسام بعد قيام القوات البريطانية بتطويق قرية يعبد الفلسطينية وحصول تبادل لإطلاق النار بين الفريقين حيث أن الشيخ القسام كان قد اعتصم مع إخوانه في أحراش قرية يعبد وكانوا مسلحين ولا يهابون خطر المجابهة مع قوات الانتداب البريطاني ولا عواقبها، إلا أن قوات الأمن كانت قد أعدت قوة هائلة تفوق عدد الثوار بمئات المرات وكانت كقطيع كبير من الجيش مصممة على القضاء على الشيخ عز الدين وأتباعه فلذلك أحاطت القوات بالمنطقة منذ الفجر ووضعت الشرطة العربية في الخطوط الهجومية الثلاث الأولى من ثم القوات البريطانية، وقبل بدء المعركة نادى أحد أفراد الشرطة العربية الثائرين طالباً منهم الاستسلام فرد عليه القسام صائحاً "إننا لن نستسلم، إننا في موقف الجهاد في سبيل الله ثم التفت إلى رفاقه وقال موتوا شهداء في سبيل الله خير لنا من الاستسلام للكفرة الفجرة" دامت المعركة القصيرة ساعتين كان خلالها الرصاص يصم الآذان والطائرات المحلقة على ارتفاع قليل تكشف للمهاجمين موقع الثوار وقوتهم وفي نهاية الساعتين أسفرت المجابهة عن استشهاد القسام ورفاقه يوسف عبد الله الزيباري وسعيد عطيه المصري ومحمد أبو قاسم خلف وألقى الأمن القبض على الباقين من الجرحى والمصابين.
لا أحد في العالم العربي والإسلامي يجهل عملاق الجهاد في فلسطين الشيخ المجاهد الشهيد عز الدين القسام، الذي ترك بلدته في الشمال السوري جبلة متوجها إلى ارض الرباط الدائم في فلسطين. ولد عز الدين عبد القادر مصطفى يوسف محمد القسام في نوفمبر 1871 فى مدينة جبلة فى اللاذقية بسوريا تلقى دراسته الابتدائية في كتاتيب بلدته جبلة ورحل في شبابه إلى مصر حيث درس في الأزهر وكان من عداد تلاميذ الشيخ محمد عبده والعالم محمد أحمد الطوخي. كما تأثر بقادة الحركة النشطة التي كانت تقاوم المحتل البريطاني بمصر. وفي عام 1903 عاد إلى سوريا وعمل مدرساً في جامع السلطان إبراهيم وأقام مدرسة لتعليم القرآن واللغة العربية في مدينة جبلة. في عام 1920م عندما اشتعلت الثورة ضد الفرنسيين شارك القسام في الثورة فحاولت السلطة العسكرية الفرنسية شراءه وإكرامه بتوليته القضاء فرفض ذلك وكان جزاؤه أن حكم عليه الديوان السوري العرفي بالإعدام. قاد أول مظاهرة تأييداً للليبيين في مقاومتهم للاحتلال الإيطالي وكون مجموعة سرية من 250 متطوعاً وقام بحملة لجمع التبرعات. باع القسام بيته وترك قريته الساحلية وانتقل إلى قرية الحفة الجبلية ذات الموقع الحصين ليساعد عمر البيطار في ثورة جبل صهيون 1919-1920 وقد حكم عليه الاحتلال الفرنسي بالإعدام غيابياً. وفي عام 1921 بعد إخفاق الثورة فرّ الشيخ القسام إلى فلسطين مع بعض رفاقه وهناك التحق بالمدرسة الإسلامية في حيفا ثم بجمعية الشبان المسلمين وأصبح رئيساً لها عام 1926. كان القسام في تلك الفترة يدعو إلى التحضير والاستعداد للقيام بالجهاد ضد الاستعمار البريطاني ونشط في الدعوة العامة وسط جموع الفلاحين في المساجد الواقعة شمالي فلسطين.
هذا المجاهد العظيم والذي روى بدمائه الطاهرة تراب فلسطين لم يكن لينال هذا المجد والشرف العظيم لولا أن هيأ الله له في عجلون الأردنية مجاهدًا عظيماً يعتبر من قامات امتنا المجيدة وهو الأمير الشيخ راشد الخزاعي والذي حاول رواد التطبيع أن يطمسوا تاريخ هذه الشخصية المجيدة وورائها كان أبناء عجلون. وقد حاول الشيخ القسام استجرار العون ممن كان حوله من اجل وقف حملات الاستيطان ولكن دون جدوى فقد كانت طبول الاستعمار هي من حكمت بلادنا في تلك الفترات إلى جانب الانتداب البريطاني والذي أراد تسليم ارض فلسطين مفروشة إلى إسرائيل، وحينها نهض فارس الفريحات وأميرها وشيخ عجلون ورجلها وأمد القسام ورجاله بالمال والسلاح والمأمن، واستقبلت جرود عجلون الثوار وكانت مع أهلها فراشا وغطاء لبذور الثورة في أرض فلسطين.
كشفت القوات البريطانية أمر القسام في 15 نوفمبر 1935، فتحصن الشيخ عز الدين هو و15 فرداً من أتباعه بقرية الشيخ زايد، فلحقت به القوات البريطانية في فطوقتهم وقطعت الاتصال بينهم وبين القرى المجاورة، وطالبتهم بالاستسلام، لكنه رفض واشتبك مع تلك القوات، وأوقع فيها أكثر من 15 قتيلاً، ودارت معركة غير متكافئة بين الطرفين. وقاد البطل الأردني الأمير راشد بن خزاعي الفريحات مباشرة حملة دعم ومناصرة لثورة الشيخ عز الدين القسام في فلسطين وهو العربي الوحيد في كل عواصم العرب الذي لبّى نداء الثورة حين أطلقه عز الدين القسام. وما جاء يوم العشرين من نوفمبر عام 1935 حتى أصبح القسام علماً من أعلام الجهاد يتردد اسمه في بلاد فلسطين كلها حيث أبى ان يستسلم بعد ان حاصرته القوات البريطانية هو ورفاقه فدارت معركة بين الطرفين وكانت مواجهة عنيفة داخل أحراج بلدة يعبد قضى خلالها الشيخ القسام مع معظم أعضاء خليته شهداء.
أضف تعليق