اكتوبر
2024
التفت عماد الدين زنكي إلى تنفيذ الشق الأول من خطته القاضي بإنشاء دولة وتوسيعها عن طريق ضم الإمارات الإسلامية في الجزيرة وبلاد الشام والمناطق الشرقية وتوحيدها مع إمارة الموصل تمهيدًا للانتقال إلى الشق الثاني من الخطة وهو مجابهة الصليبيين.
في عام 522هـ/ 1128م استطاع عماد الدين زنكي ضم حلب وفي أواخر العام السابق ضم سنجار وفي العام التالي استولى على حماة وفي نفس العام 523هـ/ 1129م ضمَّ حران وأقطعها أحد ضباطه وهو سوتكين الكرجي الذي كان ذا نزعات استقلالية فاستقل بحران ولم تسنح الفرصة لعماد لدين زنكي لبسط سيطرته عليها إلا في عام 533هـ/ 1139م وفي عام 526هـ/ 1132م ضم إربل إلى أملاكه وفي عام 529هـ/ 1135م ضم الرقة ثم ضم دقوقا في عام 531هـ/ 1137م عنوة ودخل بعد ثلاث سنوات قلعة شهرزور ثم توالت فتوحاته وتوسعاته حتى استولى على حمص سنة (٥٣٢هـ/ ١١٤٣م).
بذلك صار الطريق ممهدًا أمامه لتوجيه ضربة قوية للصليبيين وجاءت هذه الضربة سنة ٥٣٩هـ/ ١١٤٤م حين استطاعت قوات عماد الدين زنكي أن تستولي على الرها بعد حصار دام ثمانية وعشرين يومًا فقط وكانت الرها ذات مكانة كبيرة لدى الصليبيين إذ كانت أول إمارة صليبية تقوم على أرض الشرق العربي الإسلامي وكان سقوطها صدمة نفسية مؤلمة وعنيفة للصليبيين ترددت أصداؤها في كل مكان إذ إن المدينة كانت ترتبط بتراث المسيحية الباكر.
بينما كان عماد الدين زنكي يحاصر قلعة جَغْبَر عام (541هـ/ 1146م) الواقعة على الفرات بين بالس والرقة قرب صفين على الطريق إلى دمشق انقض عليه وهو نائم أحد مماليكه المكلفين بحراسته ويدعى "يرنقش" فقتله وهرب إلى القلعة المذكورة وأعلم سكانها بحقيقة الأمر ففتحوا له الأبواب وما أن انتشر نبأ الاغتيال في معسكره حتى اضطرب أمر جيشه وسادت الفوضى صفوفه فاضطر قادته إلى فك الحصار والرحيل. استطاع عماد الدين زنكي أن يؤسس خلال مدة قصيرة نسبيًّا دولة قوية متماسكة شملت حدودها ما بين شهرزور شرقًا إلى سواحل بلاد الشام غربًا ومن آمد وديار بكر وجبال الأكراد شمالاً إلى الحُديثة جنوبًا.
أضف تعليق